الفكرة والقائد (الصراع والانتخابات)

الفكرة والقائد (الصراع والانتخابات)

  • الفكرة والقائد (الصراع والانتخابات)

اخرى قبل 12 شهر

الفكرة والقائد (الصراع والانتخابات)

بكر أبوبكر

في أمور خمسة  حول الفكرة والتنظيم تحدثنا عن قوة الفكرة لأن الفكرة تجرّ الفعل، ولكنها تحتاج لإرادة تحقيق، ثم ثانيًا: عن (ما العمل؟) والتي هي عبارة تمثل سؤالا مفصليا في البدايات لأي جماعة أو منظمة، وحين تشتد الأزمات -في كل حين- التي يتصدى فيها المفكرون والمثقفون لتزويد الساسة بما يُجلي إرادتهم ويدفعها نحو اتخاذ القرار المناسب، وفي ثالثًا تحدثنا حول تحسين مسالك ودروب العلاقة بين القيادة السياسية أو التنظيمية

 رابعًا: في حالة الاستعصاء والجُمود بل والخمود التي تعانيها الحالة الفلسطينية اليوم في ظل انشقاق ونفاق وعدم وفاق، تم عمل الكثير لتفكيك حالة جمودها لكن طبيعة العوامل المتناقضة داخليًا والمتداخلة خارجيا وطبيعة المصالح الشخصية الذاتية -خاصة للقيادات السياسية- والحزبية المتناقضة،والقوى الإقليمية والعالمية ومفاتيح تحريكها لعدد من القيادات أدت بالوضع الى هذه الحالة.

رغم ما سبق فإن الإيمان يزلزل الجبال. إن تحول من اطمئنان ذاتي شخصي داخلي انكفائي الى ثورة خارجية (خارج النفس) ضد الجامد.

نحن من نتفق مع القاعدة القائلة: إن الثابت الوحيد هو المتغير. والقيادة الحكيمة هي القيادة المؤمنة بالتغيير، القيادة التي تتعلم وتتطور، القيادة التي تكتسب الثقة اكتسابًا بخطوات رجلها وإقدامها.

 إن القيادة الحكيمة هي التي تستشعر صخب الأمواج والزلازل والبراكين قبل وقوعها وتحتاط أو تعرف أين تتجه في ميدان التغيير القادم الذي رأته أو توقعته. وتمتلك الى ما سبق فضيلة الرحابة والنقد وقيادة السفينة بين الأمواج العاتية بإرادة تحقيق الهدف.

التغيير العالمي القادم هذه الأيام أصبح في مرحلة الأمتار العشرة الأخيرة التي ستسفر عن نظام عالمي جديد.

وعودة للمراوحة والاستعصاء الفلسطيني الذي صُب في عجلة دورانه الكثير من الزيوت، ولكن لا حركة! فإنه يحتاج لإرادة التغيير من قبل القيادة الحكيمة، وليس فقط الإيمان به.

ولا يتأتى ذلك برأينا إلا من خلال بوابة الانتخابات والمؤتمرات، والممارسة الديمقراطية كثقافة جامعة مانعة لا تستثني أحدًا سواء كان المقصود في إطار حركة "فتح" أو داخل إطار السلطة الفلسطينية التي لن تنجو الا بالتغيير والانتخابات الرئاسية والوطنية أو بالاتفاق الشمولي-لايستثني أحدًا- على غير ذلك ومن خلال المنبر الوحيد الجامع أي منظمة التحرير الفلسطينية.

إن التغيير ليس فقط بالانتخابات وهو الأسرع، ولكنه أيضًا في الثقافة التنظيمية والمجتمعية والبناء الذاتي وهو الأبطأ ولكنه الضروري. والبناء الذاتي مع الجماعي يعطي الأثر الأوسع.

خامسًا: إن الصراع التنظيمي والتعبئة الداخلية الفصائلية، والى جانبها الصراع الوطني-الاسلاموي القائم هو صراع يجب أن يتم إطفاؤه وإلا لا حلّ. بل مزيد من التفتيت والانهيار، ففكرة صراع الفسطاطين أي المعسكرين بين المسلمين أو داخل المسلمين بالبلد الواحد، أو داخل الشعب الواحد فكرة إقصائية بامتياز لا تجلب الا الخراب ومزيد من الابتعاد.

في ذات الأمر نحن من يجب أن يكثف العمل على تكريس العقلية النضالية المنطلقة من أولوية وأسّ القضية الفلسطينية والتحرير ك(رسالة) تتمسك بمبدأ الفتح القائم على ثلاثية أ ب ت (إعمل، بالتزام، وتناغم) حيث المبادرة بالعمل تنفيذًا للفكرة الشاملة والخطة وما يستتبعها من إيمان والتزام عميق بالتنفيذ ضمن خطوات متواصلة متناغمة.

إذن فكرة النضالية تقوم على نقض الفكرة الوظيفية التي تفترض: أنني أقوم بواجبي أو عملي والتزم بيتي وكفى الله المؤمنين شر القتال! إنها تنطلق من عمق (الإيمان) بالفكرة الذي يجعل الأجساد مُجهدة لا تنام وهذا ثانيًا حيث الإيمان مقوّم لا غنى عنه في العقل النضالي.

اما في ثالث الفكرة النضالية فإن (المثابرة) هي ممّا لا غنى عنه، فلا يُقعِد المناضل -أو الطليعة النضالية إن شئت- عقبة أومأساة أو نكوص أوانحدار بل هو الذي يجعل من السقوط بالهوة فرصة للتفكير للخروج منها وبالضرورة سيخرج.

إن العقلية النضالية هي عقلية طويلة النفس بينما تلك الوظيفية ذات نفس قصير.

في إطار التغيير والنضالية نحتاج أن نتعلم دومًا.

ونحتاج أن نصارع ولا نكلّ لإيصال أفكارنا الى القيادة من جهة، والى أوسع قطاع من جهة أخرى.

كما نحتاج لوسائل جديدة وأساليب متجددة ومفاهيم صاعدة.

كما نحتاج لدماء جديدة بلا شك ذات قدرة وأكتاف صلبة تحمل ولا تنهار تحت وطأة الثقل مهما كان الحمل ثقيلًا.

فيما سبق كنت أتحدث في ندوة وفي نهاية الندوة الثالثة هذه انخرطت في حوار كثيف مع عدد من الطلبة الذين كانوا يحملون من الأفكار الإبداعية ما فاقت كثيرًا والى أبعد حد  أفكار ذاك القيادي بالندوة الأولى وهو الذي وزع على الجماهير تشتته وتوهانه وربما جموده العقلي والعملي ما استوجب أن يخلي موقعه فورًا قبل أن تدهمه العاصفة.

 

 
 

 

التعليقات على خبر: الفكرة والقائد (الصراع والانتخابات)

حمل التطبيق الأن